في هذه الصفحة
في عالم صناعة التكنولوجيا يتم تطوير وتحسين التكنولوجيا بمعدلات مذهلة؛ مما يؤدي إلى تغييرات وثورات في مجالات مختلفة وفي مقالنا اليوم سنتحدث عن أحد تلك الانجازات التي تم تطويرها لتمكننا من الاستخدام المثالي لكافة الأجهزة والموارد في عالم التكنولوجيا؛ حيث يواجه المهندسون والمطورون تحديات مستمرة في تطوير وإدارة البنية التحتية للأنظمة والتطبيقات.
تقنيتان من تلك التقنيات تم تطويرهما للتعامل مع هذه التحديات، هما: التقنية الافتراضية و تقنية الحاويات، على الرغم من أن هاتين التقنيتين تهدفان إلى تحسين كفاءة الموارد وإدارتها، إلا أنهما تختلفان في العديد من الجوانب دعنا نتعرف عليهما بشكل سريع.
ماذا قبل التقنية الافتراضية Virtualization؟
قبل ظهور التقنية الافتراضية (Virtualization)، كانت عمليات تشغيل الأنظمة والتطبيقات تعتمد على استخدام الأجهزة الفعلية بشكل كامل. بمعنى آخر، كان يتطلب تشغيل نظام تشغيل معين أو تطبيق محدد توفر جهازًا فعليًا مخصصًا لذلك؛ مما أدى إلى استهلاك غير فعال للموارد وصعوبة في توفير استقلالية بين التطبيقات.
على سبيل المثال، فلنفترض أنك تحتاج إلى تشغيل أنظمة تشغيل مختلفة في بيئة العمل الخاصة بك: Windows وLinux وMac OS. حينها كنت بحاجة إلى ثلاثة أجهزة فعلية مستقلة، وكل جهاز يعمل بنظام تشغيل مختلف. هذا يعني أنك ستحتاج إلى شراء وصيانة وتكوين وتخصيص ثلاثة خوادم منفصلة. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك تبذير في استخدام الموارد. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تستخدم خادمًا قويًا لتشغيل تطبيق صغير فقط؛ فإن معظم الموارد ستبقى غير مستخدمة وتهدر. هذا يعني أنك قد تكون تدفع مقابل موارد لا تحتاج إليها بالكامل.
دعني أطلعك بشكل سريع على عيوب الطريقة القديمة:
- استغلال الطاقة واستهلاك الموارد: الأجهزة الفعلية تستهلك طاقة كبيرة وتشغل مساحة في مراكز البيانات دون استفادة كاملة من إمكانياتها. فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك خادم (Server) يشغل نظام تشغيل (Operating System) واحد فقط، فإن القدرة الفعلية للخادم تكون مشغولة بنسبة كبيرة.
- إدارة وصيانة البنية التحتية: مع وجود العديد من الأجهزة الفعلية والنظم المستخدمة، كانت عمليات إدارة وصيانة البنية التحتية معقدة ومكلفة. فكل جهاز يتطلب إعدادات وتحديثات منفصلة واهتمام مستمر
ما هي التقنية الافتراضية – Virtualization؟
هي تقنية تهدف إلى إنشاء بيئة افتراضية تعمل على الأجهزة الفعلية. تعمل هذه التقنية على تجزئة الموارد الحاسوبية (مثل المعالج، والذاكرة، والتخزين) وتخصيصها للأنظمة الافتراضية المستضافة داخلها.
لنفترض أن لديك مركز بيانات يحتوي على خادم واحد بمواصفات عالية، مع موارد معالجة وذاكرة تخزين كبيرة. قبل استخدام التقنية الافتراضية، ستكون قادرًا على تشغيل نظام تشغيل واحد فقط على هذا الخادم وتعيين جميع الموارد له، ومع ذلك، باستخدام تقنية Virtualization، يمكنك تقسيم الموارد الحاسوبية إلى عدة بيئات افتراضية مستقلة.
فعلى سبيل المثال، يمكنك تشغيل أنظمة تشغيل مختلفة مثل Windows و Linux على نفس الخادم الواحد. يتم تخصيص الموارد لكل نظام افتراضي وفقًا لاحتياجاته الفردية.
بهذه الطريقة، يمكنك الاستفادة بشكل أفضل بموارد الخادم وتحقيق استخدام موارد مثلى. على سبيل المثال، يمكنك تشغيل تطبيقات الويب على نظام التشغيل Linux، وتشغيل برامج Microsoft Office على نظام التشغيل Windows، كل ذلك على نفس الخادم الواحد.
هذا مثال بسيط يوضح كيفية استخدام التقنية الافتراضية لتشغيل عدة أنظمة تشغيل مستقلة على نفس الخادم الفعلي، مما يوفر المرونة والاستفادة القصوى من الموارد المتاحة.
ظهور التقنية الافتراضية حلت بعض التحديات عن طريق إمكانية تشغيل عدة أنظمة تشغيل وتطبيقات مختلفة على نفس الخادم الفعلي، مع توفير العزلة والاستقلالية بينها؛ حيث تمكن الـVirtualization من تحويل البيئة الفعلية إلى بيئة افتراضية؛ والذي يوفر المرونة ويحسن استخدام الموارد، أيضًا أصبحت عمليات إدارة وصيانة الأجهزة والتطبيقات أكثر سهولة وكفاءة بفضل القدرة على إنشاء ونشر وإدارة الآلات الافتراضية بسهولة.
عيوب التقنية الافتراضية
- تحقيق توازن مثالي في تخصيص الموارد بين الآلات الافتراضية، قد يحدث عدم توازن في استخدام المعالج أو الذاكرة أو التخزين، مما يؤثر على أداء النظام الافتراضي وقدرته على التعامل مع الأعباء العالية.
- تحتاج إلى تقسيم المعالج والذاكرة والتخزين بين الآلات الافتراضية المختلفة، مما قد يؤدي إلى تقليل موارد كل آلة افتراضية وتأثير على أدائها.
- يمكن أن تكون إدارة بنية التحتية الافتراضية معقدة وتتطلب مهارات خاصة، فيجب على المسؤولين أن يكونوا على دراية بأدوات الإدارة والتكوين الخاصة بالتقنية الافتراضية،
- يمكن أن يؤثر الاستخدام المشترك للموارد الفعلية بين الآلات الافتراضية على الأداء العام. والذي قد يسبب التأخر في الاستجابة وتقليل في الأداء العام للتطبيقات عندما يكون هناك حاجة كبيرة للموارد من قبل آلات افتراضية متعددة.
- نظرًا لأن كل آلة افتراضية تشمل نظام التشغيل ونسخة افتراضية من جميع الأجهزة التي يحتاجها النظام، فإن الآلات الافتراضية تتطلب موارد كبيرة من الذاكرة ووحدة المعالجة المركزية (CPU).
المحطة الأخيرة : ماذا نعني بكلمة Containerization – الحاويات؟
هي تقنية لتشغيل التطبيقات تسمح بتعبئة التطبيقات وجميع المكونات وكل ما يلزم لتشغيلها -مكتباتها وإعداداتها الخاصة وملفاتها- في وحدة معزولة تسمى الحاوية.
لنفترض أن لديك تطبيق ويب مكتوب بلغة برمجة معينة ويعتمد على قاعدة بيانات معينة. باستخدام تقنية الحاويات، يمكنك تعبئة التطبيق وكل المكونات المطلوبة في حاوية واحدة. على سبيل المثال، يمكنك استخدام Docker (أحد أشهر منصات الحاويات) لتعبئة تطبيقك وتحويله إلى حاوية. يمكنك أيضًا تضمين اللغة البرمجية ومكتباتها المستخدمة في التطبيق وقاعدة البيانات ومكونات الويب الأخرى، وتجهيز الحاوية لتشغيلها بشكل معزول.
عندما تكون الحاوية جاهزة، يمكنك تشغيلها على أي نظام يدعم Docker، مثل نظام Windows أو mac أو Linux. ببساطة، يمكنك نقل الحاوية إلى أي بيئة تشغيلية ترغب فيها وتشغيل التطبيق بدون أي مشاكل بيئية.
هذه التقنية شهدت تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة وأصبحت شائعة في صناعة تكنولوجيا المعلومات، وتستخدم بشكل واسع في تطوير التطبيقات وتوفير بيئات تشغيل موحدة ومحمولة عبر منصات مختلفة. ميزة رئيسية للحاويات هي سهولة النقل والنشر. يمكنك تعبئة التطبيق وجميع المكونات في حاوية واحدة وتشغيلها على أي نظام يدعم تقنية الحاويات.
لكن كما تعودنا مع باقي التقنيات، هناك بعض العيوب التي تحيط بالحاويات:
- يحتاج تشغيل الحاويات على عدة أجهزة والتواصل بينها تخطيطًا وإعدادًا صحيحًا للشبكة.
- قد يواجه المسؤولون تحديات في إدارة وتأمين هذه الشبكة، والتأكد من أن الحاويات معزولة بشكل صحيح عن بعضها البعض.
- قد يكون إدارة عدد كبير من الحاويات معقدًا. قد تحتاج إلى أدوات إدارة متقدمة وعمليات متعددة للمراقبة والتكوين والتحديثات والتوزيع.
- في بعض الحالات، قد يواجه المطورون قيودًا على استخدام بعض الموارد داخل الحاويات.على سبيل المثال، قد يكون هناك قيود على قدرة الحاويات على استخدام موارد الشبكة بشكل كامل.
دعنا ننظر إلى الرسمة بالأعلى، نستنتج منها ماذا يمكن أن يكون الفرق:
في حالة الحاويات – Containers
- معمارية الحاويات تعتمد في البداية على البنية التحتية والموارد مثل المعالج، والذاكرة، والتخزين. تحتاج إلى تأمين هذه الموارد على الخادم الفعلي أو البيئة الافتراضية التي ستقوم بتشغيل الحاويات عليها.
- تقوم بتهيئة نظام التشغيل الذي تستخدمه داخل الحاويات. يتم استخدام نفس نظام التشغيل على جميع الحاويات على الخادم الواحد، مما يسمح بتشغيل التطبيقات المختلفة باستخدام نفس البنية التحتية.
- بعد ذلك، يجب تشغيل محرك إدارة الحاويات مثل Docker. يقوم هذا المحرك بإنشاء وإدارة الحاويات وتوفير بيئة معزولة لتشغيل التطبيقات.
- التطبيقات في الحاويات تعمل بشكل منفصل عن بعضها البعض، ويتم توفير جميع المكتبات والأكواد البرمجية اللازمة لكل تطبيق ضمن الحاوية. وبذلك، يمكنك تشغيل تطبيقات متعددة بشكل منفصل وفعال على نفس البنية التحتية دون تداخل أو تأثير سلبي على بعضها البعض.
في حالة التقنية الافتراضية – Virtualization
- بالتأكيد نحتاج البنية التحتية كما في حالة الحاويات
- إستخدام مضيف افتراضي – Hypervisor هو أمر أساسي، وهو برنامج أو طبقة برمجية تعمل كوسيط بين الأنظمة الافتراضية على توفير بيئة افتراضية لتشغيل الأنظمة الافتراضية بشكل منفصل على نفس الخادم، يتم تنفيذ الـHypervisor مباشرة على الأجهزة الفعلية أو كنظام تشغيل مضيف. يتم استخدامه لتجزئة وتخصيص الموارد الفعلية مثل المعالج والذاكرة والتخزين والشبكة بين الأنظمة الافتراضية، مما يتيح تشغيل عدة نظم تشغيل مستقلة في وقت واحد.
- بعد ذلك، تحتاج إلى تجهيز نظام التشغيل الخاص بك، وعندما تنتهي من تجهيزه، يمكنك تهيئة التطبيق الخاص بك بشكل فعال داخل الأنظمة الافتراضية. يمكنك تثبيت المكتبات والأكواد اللازمة لتشغيل التطبيق وتكوينه للعمل بشكل صحيح داخل البيئة الافتراضية
في الختام على الرغم من وجود بعض التشابه بين التقنيتين، إلا أن التقنية الافتراضية والحاويات يوفران فوائد فريدة وقوية في عالم تكنولوجيا المعلومات. تتيح التقنية الافتراضية تشغيل عدة أنظمة تشغيل مستقلة، في حين تتيح الحاويات تشغيل عدة تطبيقات معزولة على نفس البنية التحتية. تعتبر التقنية الافتراضية مناسبة لتشغيل أنظمة تشغيل متعددة وتوفير عزلة كاملة بينها، في حين توفر الحاويات تكامل وسهولة في إدارة التطبيقات وتشغيلها بسرعة وكفاءة.
بغض النظر عن الخيار الذي تختاره، فإن الهدف الأساسي هو تحسين استخدام الموارد وتبسيط الإدارة وتحسين التطوير. يجب أن يتم اختيار التقنية الأنسب وفقًا لمتطلبات المشروع وأهداف الأعمال الفردية.